قصر الزنانيري ٢
قام مغاوري ولقيته جاي ناحيتنا، رجعت لورا بسرعة، وقبل ما نتحرك وقف على عتبة الباب جنبي، كان بيني وبينه خطوة واحدة، كتمت نفسي وانا مرعوب، بس الغريبة انه فضل واقف لثواني، ومن غير ما يبص ناحيتي، لقيته بيبتسم ابتسامة عريضة وبعدها مشي في طريقه، بصيت لعهد برعب وانا بقولها…
– مغاوري شافني.
– اكيد لا، لو شافك كان مسكك.
– انا متأكد إنه شافني، أومال كان بيضحك لمين؟
– مش عارفة، بس صدقني لو شافك ماكنش هيسيبك.
– طب دلوقتي إحنا محتاجين نخرج سميحة من المطبخ عشان نعدي الناحية التانية.
– انا عندي فكرة.
– فكرة ايه؟
– انا هخرج سميحة واعطلها، وانت هتدخل وتعدي الناحية التانية زي ماقولتلك.
– يعني انتِي مش هتكملي معايا؟
– لا مش هينفع، يلا بسرعة قبل ما عدلات ترجع.
– ماشي.
وقفت عهد الناحية التانية جنب الباب وبدأت تغني بصوت عالي، في اللحظة دي لفت سميحة وراها عشان تشوف مصدر الصوت، علت عهد صوتها أكتر لحد ما قامت سميحة من على الكرسي واتحركت ناحيتها، أول ما سميحة وقفت على الباب، رجعت عهد لورا وهي بتضحك، كشرت سميحة في وشها واتحركت ناحيتها وفي ايدها السكينة اللي كانت بتقطع بيها وقالت بغضب…
– انتِي تاني!.. انتِي ايه اللي رجعك؟
ضحكت عهد وهي بترجع لورا كمان خطوتين عشان تسحب سميحة اللي فعلًا مشيت وراها، واول ما بعدِت عن الباب دخلت انا المطبخ بسرعة، لكن في نفس اللحظة سمعت صوت حاجة بتتبهد في الأرض وبعدها سمعت صرخات عهد، جريت بسرعة ناحية الباب اللي بيطل على صالة القصر، بصيت يمين وشمال مالقتش حد، بصيت بعدها على الأوضة اللي تحت السلم، الباب كان مقفول، في اللحظة دي سمعت صوت ورايا بيقول…
– انت مين انت كمان؟
لفيت بسرعة لقيت سميحة ورايا بتقفل الباب الخلفي ورافعة السكينة الغرقانة بدم عهد، بصت لي وابتسمت ابتسامة عريضة قبل ما ترمي السكينة، بعدها جريت ناحيتي، تفكيري اتشل، ماكنتش عارف اتصرف إزاي؟.. بس قبل ما تقرب مني بخطوتين، اتحركت وخرجت بره المطبخ وانا بقفل الباب ورايا، فضِلت ماسك الأوكرة عشان ماتفتحش الباب، وهي من الناحية التانية عمالة ترزع على الباب وتصرخ بعلو صوتها، لكن بعد دقيقة الصوت إختفى، سيبت الأوكرة بهدوء وحذر لحد ما اطمنت إنها مش هتفتح الباب، اتنهدت بعمق ولفيت وشي وانا ببص على الأوضة، اتحركت ناحيتها، وقفت قدام الباب وانا ماسك الأوكرة ومتردد أدخل، بس فجأة، فجأة سمعت صوت الكلب بينبح، بصيت ناحية الصوت لقيته جاي عليا بسرعة، برقت وانا شايفه بيطير في الهوا عشان ينقض عليا، لفيت الأوكرة بايدي وزقيت الباب ورميت نفسي جوة الأضة، وبعدها قفلت الباب برجلي، ومع قفلة الباب، سمعت صوت الكلب وهو بيترزع بجسمه عليه، حسست على نفسي عشان اتأكد إني عايش، ماكنتش قادر أخد نفسي، ضربات قلبي سريعة بشكل مش طبيعي، انا ايه اللي رماني الرمية دي؟!.. ومين الناس دول؟.. وليه عايزين يقتلوني؟.. مش عارف، بس انا.. انا لازم اخرج من هنا بأسرع وقت بعد ما اعرف اللي الراجل بعتني عشان اعرفه، وفي اللحظة دي ووانا بكلم نفسي، سمعت صوت ضحكة خليعة في الأوضة، بصيت جنبي، وساعتها اكتشفت إن الأوضة ضلمة، بس في شمعدان منور نور خفيف، بصيت ناحية النور، لمحت واحدة ست ضهرها ليا وقدامها واقف راجل ملامحه مش باينة في الضلمة، رجعت بسرعة واستخبيت ورا الكومودينو، بعدها خرجت بجسمي شوية عشان أقدر اتابع المشهد، الست ضحكت ضحكة تانية بنفس الطريقة وبعدها قالت…
– يخرب عقلك يابيه.. انت شقي أوي.
– بيه ايه بس!.. قوليلي ياتوفي.
– هيهيهي، توفي.. يخرب عقلك يا توفي.
اول ما سمعت الصوت قدرت أميزها، دي عدلات، بس ماكانتش لابسه هدوم المطبخ، دي كانت لابسه قميص نوم وتوفيق كان بيحاول يمسكها لكنها كانت بتفلت منه، ولإنه كان باين عليه السُكر، فكان سهل عليها تهرب منه، وفجأة، عدلات زقته على كنبة موجودة في الحيطة اللي جنب السرير، وقعدت جنبه وسألته بجدية…
– الا بالحق يا توفي، انتوا هتعملوا ايه لما الباشا الكبير يرجع ويعرف اللي انتوا عملتوه معاهم؟
ضحك توفيق واتكلم من غير إتزان…
– ولا حاجة، هنقوله الحقيقة.
– وتفتكر هيعديها بالساهل كده؟
– لا طبعًا، هيتعصب ويوقف يهلل شوية وبعدين يطلع أوضته، وساعتها يجي دورك انت بقى يا جميل.
– دوري!.. دوري إزاي يعني؟
– تطلعي وراه وتفرفشيه.
قامت عدلات من جنبه وهي بتبص له باندهاش…
– انت بتقول ايه؟
– بقول ايه.. ايه الغريب في كلامي يعني؟
– انت عارف انت بتطلب مني ايه؟
– بطلب منك تعملي معاه نفس اللي بتعمليه معايا.
– انت بجد…
– ايه!.. انا سيدك، ولا نسيتي، وانتِي هنا عشان تعدلي مزاجي وبس، لاتكوني سرحتي بخيالك في حتة تانية.
– لا ماسرحتش ولا حاجة.
– ايوه كده، انا ايه؟
– سيدي.
– وانتِي هنا ليه؟
– عشان أعدل مزاجك يا سيدي.
– واللي قولتلك عليه هتنفذيه بالحرف أول ما سيدك الباشا الكبير يرجع.. مفهوم؟
– مفهوم يا توفيق.. بيه.
– شاطرة.
في اللحظة دي رجعت بجسمي لورا، بس كتفي اتخبط في سيف الكومودينو، حاولت اثبته بسرعة، واتنهدت بعدها وانا بريح ضهري على الحيطة، بس مافيش ثواني وسمعت صوت حاجة بتزحف على إزاز الكومودينو وبعدها سمعت صوتها بتوقع على السيراميك، كانت دبلة، نزلت على الأرض وفضلِت تتنطط على السيراميك بصوت مزعج، مديت رجلي عشان اثبتها، بس فجأة سمعت صوت توفيق بيقول…
– ايه الصوت ده؟
ردت عليه عدلات…
– مافيش صوت ولا حاجة.
– لا انا متأكد إني سمعت صوت في الأوضة.
– طب خليك انت ياسيدي وانا هقوم اشوف في ايه؟
لميت رجلي بسرعة وكتمت نفسي، قربت عدلات من الكومودينو وبعدها وطت على الأرض عشان تاخد الدبلة، وفي اللحظة دي عينيها جت في عينيا، بصت لي بغضب، كنت حاسس إني عايز اقوم ازقها واجري، بس فجأة اتكلمت بهمس وقالت…
– افتح الدولاب وادخل بسرعة.
مِسكِت الدبلة ورجعتِها مكانها على الكومودينو وهي بتقول بصوت عالي…
– دي دبلتك يا سيدي باينها وقعت على الأرض.
– طب رجعيها مكانها وتعالي.
– حاضر.
ماكنتش فاهم اللي حصل!.. هو مش المفروض إن لو حد فيهم شافني يموتني، إزاي عدلات بتساعدني؟.. هو ايه اللي بيحصل في القصر ده؟.. الناس هنا كلها مريبة كده ليه؟.. انا لازم ادخل الدولاب واعدي من الباب عشان اوصل لمراد وافهم منه ايه اللي بيحصل، حاولت استجمع شجاعتي وبعدين بصيت على عدلات وتوفيق، كانوا منسجمين مع بعض، قومت بهدوء ومشيت ناحية الدولاب، كنت مركز معاهم وساعتها عيني جت في عين عدلات اللي كانت بصة ناحيتي، اما توفيق، فكان ضهره ليا، عدلات شاورتلي بعينيها عشان أكمل، قربت من الدولاب وفتحت الدرفة، وفي اللحظة دي، توفيق زق عدلات بعيد ولف وبص لي…
– انت رايح فين؟.. استنى عندك.
نطيت بسرعة في الدولاب وقفلت الدرفة ورايا، كنت سامع صوته وهو بيحاول يفتح الدرفة، ماكنتش قادر أخد نفسي من كتر الخوف، خدت دقيقة أو دقيقتين على ما قدرت اهدي نفسي، وساعتها لقيتني في مكان ضلمة، حسست بايدي عشان اوصل للباب، مسكت بايدي حتة قماشة حرير، زقيتها بعيد، بعدها جت في ايدي قماشة تانية شكلها بدلة رجالي، زقيتها هي كمان بعيد، اتقدمت من بينهم ومديت ايدي في الفراغ لحد ما خبطت في خشب، أكيد هو ده الباب، حسست بايدي في كل مكان لحد ما ايدي خبطت في حاجة معدن، ايوة هي دي.. أوكرة الباب، مسكتها، بس ماعرفش ليه قبل ما افتح حسيت بخوف شديد، وعشان كده وقفت ثواني وسألت نفسي.. انت مستعد تواجه اللي هتشوفه ورا الباب ده؟.. كل اللي بيحصل لحد دلوقتي مش طبيعي، بس ياترى ايه اللي هيحصل لما تفتح الباب؟.. لقتني برد ببرود، مش مهم، أيًا كان اللي هيحصل فده الطريق الوحيد لخروجي من هنا حي، مابقاش ينفع أرجع خلاص، خدت نفس عميق وبعدها لفيت أوكرة الباب ودخلت.
المكان بارد جدًا، ايه ده!.. انا حافي ليه؟.. الأرض تقريبًا من الرخام، قدامي اربع بلطات رخام وسور إرتفاعه حوالي متر، والبلاط بيودي لسلم، مشيت لحد هناك ومديت رجلي على أول سلِمة، جنبي كان في ترابزين عالي جدًا برضه من الرخام، أول ما حطيت رجلى على السلِمة الاولى حسيت بدفا، رفعت رجلي عشان انزل على السلِمة التانية، لكن وقتها حسيت بحاجة لزجة في رجلي، بصيت ناحية الارض وساعتها لقيت السلم كله دم، لفيت وشي عشان أرجع، وفي اللحظة دي الباب اتفتح ودخل حليم ومعاه الكلب، الكلب اللي أول ما شافني فضل ينبح عليا وهو بيحاول يقرب مني، لكن حليم كان واقف على البلاطة الأولى قدام الباب ورابطه بالسلسة، بص لي بابتسامة سخيفة وشاورلي ناحية السلم عشان أنزل، وطبعًا أي إعتراض مني نتيجته معروفة، وهي إن الكلب سلسلته هتتفك والباقي مش محتاج تفسير، رجعت للسلم تاني، مديت رجلي في الدم ونزلت، وساعتها ظهر قدامي وفي نهاية السلم توفيق، كان واقف مبتسم نفس الإبتسامة الخبيثة وهو بيشاورلي عشان أقرب منه، بصيت ورايا على حليم والكلب وبصيت قدامي على توفيق، ماكنش قدامي حل غير إني أنزل، وفعلًا نزلت، ومع كل سلِمة كانت لزوجة الدم بتزيد، لحد ما وصلت للسلمة الأخيرة، توفيق كان مبتسم وبيمد ايده عشان يمسكني وهو بيقولي…
– تعالى.. تعالى كلهم جوة.
بصيت له باستغراب، ف كمل كلامه…
– ماتستغربش، هو انت كنت فاكر إنك هتوصل لحد هنا من غير ما نشوفك!.. انت أكيد مش بالسذاجة دي.
شدني من ايدي ومشي بيا جوة القبو، كان قدامي على الأرض اثار دم ناشف، زي مايكون في حد كان بيجر جثة على الأرض، رفعت راسي وساعتها شوفت منظر بشع، قدامي كانت عدلات واقفة وايديها مربوطة في سلسلة نازلة من السقف، ورجليها الاتنين متربطين في بعض بسلسة واحدة، وشها كان باين عليه أثر التعذيب، وجنبها سميحة مربوطة بنفس الطريقة، الاتنين كان باين عليهم أثر التعذيب وهدومهم غرقانة دم، بصلهم توفيق وهو بيضحك ضحكة عالية وبعدين قالي…
– ايه رأيك؟.. مش دول اللي ساعدوك.. استعد عشان هتكون جنبهم دلوقتي.
في اللحظة دي سمعت صوت أنين، بس ماكنتش قادر أحدد الصوت ده جاي منين، لكن بعد ثواني، الصوت رجع تاني، المرة دي بصيت ناحية الصوت، كان جاي من ركن في أخر القبو، الصوت كان جاي من وسط ضلمة مش قادر أحدد مين جواها، اتقدمت في الضملة وساعتها قدرت اشوف مين اللي بيئن، كان شاب شِبه عريان، شحم على عضم، ضلوعه باينة من تحت الجلد، جسمه كله ماليان جروح، ايديه الاتنين متسلسلين في الجدار فوق دماغه، ورجليه الاتنين هم كمان متسلسلين، بس واضح من حجم السلاسل إنها كانت أضخم من كده بكتير، تقريبًا لو حاول يخرج رجليه من حلقة السلسلة هتخرج من كتر ما وسعت عليه، هيكل عظمي قاعد قدامي على الأرض، رفع راسه واتكلم بصوت ضعيف…
– ايه اللي جابك هنا يا فريد؟
بصيت حواليا يمين وشمال، لكني مالقتش حد، فسألته باستغراب…
– انت مين؟.. وايه اللي عمل فيك كده؟
– انا مراد يا فريد.. انا مراد، معقولة مش عارف أخوك حتى وهو عضم.
– انت مراد!.. هم عملوا فيك ايه؟
بص جنبه وقال بصوت حزين…
– قتلوا عهد يافريد.. قتلوها.
بصيت ناحية ما بيبص، لقيت هيكل عظمي لجثة متكومة على جنب، وفجأة سمعت صوت ضحكة جاية من ورايا، لفيت بسرعة عشان الاقي عهد واقفة، بصيتله وقولتله…
– عهد اهي يا مراد، عهد عايشة ماماتتش.
رفع راسه ببطء ودقق النظر فيها وبعدين قالي…
– دي مش عهد.. دي.. دي أشرقت.
– ايه!.. ازاي؟!
بصيتلها برعب، كانت ابتسامتها بشعة وشكلها ذميم، استغربت من الموقف وسألتها…
– يعني انتِي.. انتِي بنت الباشا اللي أخوها قتلها؟!
ضحكت ضحكة مرعبة وهي بتصقف بايديها وبعدين قالتلي…
– مش معقول يا ابراهيم، طلعت غبي زي مراد، اللي انت شوفتها في الحفرة دي تبقى عهد الخدامة بتاعتي، اللي البيه فضلها عليا، رجالة رمرامة، إذا كان هو ولا توفيق.
اتكلم توفيق ساعتها وقالها بغضب…
– مش معنى إني قتلت عهد إنك تفتكري نفسك أجمل منها، عهد أجمل واحدة دخلت القصر ده، ولولا الكلب ده كان زمانها بقت ملكي.
– أجمل واحدة دخلت القصر!.. انت طول عمرك مابتفهمش في الستات، وبتجري ورا الخدامات، ماتعرفش يعني ايه جمال.. طب بذمتك يا ابراهيم انا وحشة؟
بصيت لها بقرف، عينيها أحمرت وقربت مني وهي بتسأل بعصبية…
– انا وحشة يا ابراهيم؟
– لا لا حلوة.. حلوة.
– شوفت يا توفيق.. اهو قال إني حلوة.
سكِت توفيق شوية قبل ما يضحك ضحكة عالية وبعدها هي كمان ضحكت، بصيتلهم باستغراب، بس توفيق في وسط ضحكه قالها…
– مافيش فايدة فيهم، مش هيتغيروا مهما حصل.
– اغبيا أوي.
بطلِت ضحك وبعدها بصتلي بغضب…
– بتكدب ليه يا ابراهيم، فاكر إن الكدب هينجيك مني، انت عارف إني وحشة، وبعدين خلاص، انت كده كده ميت.
– انا.. انا….
في اللحظة دي حسيت وكأن في حاجة بتخرج من جسمي، وبعدها شوفت كيان اسود واقف قدامي، كان نسخة من الراجل اللي في الكشك، خرج ووقف جنبي، وفي اللحظة دي شهقت أشرقت بفزع، اما توفيق، فبانت عليه علامات الرعب…
– فريد!.. انت، انت دخلت هنا إزاي؟
ضحك الكيان ده وبعدين قال…
– جِه وقت الحساب يا توفيق، انت وأشرقت هتدفعوا تمن اللي عملتوه في مراد وعهد.
في اللحظة دي دخل حليم في الدايرة ومعاه الكلب اللي فضل ينبح على الكيان بنفس الطريقة اللي كان بينبح بيها عند البوابة، والغريبة إنه مانبحش عليا خالص المرة دي، واضح كده إنه كان قاصد الكيان ده من الأول، مش قاصدني انا، وقفوا التلاتة قدام فريد، أو بمعنى أدق قدام قرين فريد، التلاتة كانت عينيهم بتطق شرار، وفجأة بصت أشرقت في السما وصرخت صرخة عالية، بس أول ما رجعت راسها وبصت ناحيتي، شوفت منظر بشع، وش من غير ملامح، عيون مجوفة، تجاعيد في كل جسمها، بصت لي وقربت مني، لكن فريد وقف بيني وبينها، وبعدها بص ناحية عدلات وسميحة ومراد، عشان فجأة يخرج من جسم كل واحد فيهم كيان شبهه بالظبط، ويقربوا من الدايرة، اما توفيق وحليم، ف لفوا وشهم ناحية الكيانات التلاتة، وبدأت معركة شرسة بينهم، وقفت في ركن بعيد اتفرج على اللي بيحصل، أشرقت كانت بتحاول توصلي بأي شكل، لكن فريد كان بيمنعها وبيحميني منها، وفي النهاية قدر بمساعدة عدلات وسميحة انهم يسلسلوا توفيق وأشرقت وحليم، بعدها وقف فريد قدامهم وقال بصوت ماليان غضب…
– أخيرًا.. أخيرًا نهايتكوا هتبقى على ايدي، سنين وانا مستني اللحظة دي.
ماكنتش مستوعب أي حاجة من اللي بتحصل،
صرخت في الكيان ده بفزع وانا بسأله…
– هو ايه اللي بيحصل بالظبط؟
– اللي بيحصل دلوقتي هو نفس اللي حصل يومها، الفرق الوحيد إن كل اللي قدامك دول أشباح، اصحابها كانوا أنجس خلق الله.. كل اللي أشرقت حكيتهولك كدب، حاولت تقنعك إنها بنت الباشا اللي ضحت وماتت عشان ابن الفلاح البسيط، لكن في الحقيقة هم التلاتة اللي قتلوا مراد وعهد، وحتى مغاوري ومراته وعدلات.. انا ابويا كان بيشتغل عند الزنانيري قبل ما الكلب اللي اسمه حليم يقتله زي ما اخته اعترفت من شوية، ماكنش لينا غيره في الدنيا، خصوصًا إن أمي ماتت بعد ما ولدتنا بسنتين، وبعد ما ابويا اتقتل، الزنانيري خدنا ودخلنا القصر، واللي ربونا كانوا عم مغاوري وخالتي سميحة لإنهم ماكنوش بيخلفوا، بس انا النهاردة فهمت ليه الزنانيري اللي طول عمره قلبه قاسي ومابيرحمش حد، عمل كده، اتاريه كان بيداري على اللي ابنه عمله في ابويا، المهم لما كبرنا اشتغلنا في الأرض، كنا صاينين الراجل اللي ربانا، كنا فاكرينه راجل محترم، وعشان كده ماحدش فينا فكر يبص لبنته، وللأسف كنا بنعتبرها زي أختنا، بصراحة مش عشان كده بس، لكن في الحقيقة هي كانت وحشة جدًا، يمكن شكلها ماختلفش كتير عن دلوقتي.
في اللحظة دي صرخت أشرقت صرخة مرعبة، لكن فريد ضربها على بوقها، وبعدين كمل كلامه…
– وفي وسط ده كله جت بنت جميلة، زي القمر، اسمها عهد، جت عشان تشتغل في القصر الملعون ده، وفي نفس اليوم اللي دخلت فيه القصر، دخلت قلب مراد، وكلمني عن حبه ليها، وانا قولتله يومها…
– انا ماعنديش مانع، هي جميلة وشكلها هادية وبنت حلال.. واهم حاجة انها من توبنا.
– يعني فكرك اروح اتكلم معاها يا اخويا؟
– ياواد اتقل، البت لسه جاية ماكملتش يومين، اتقل كده لما تشوف مايتها ايه؟.. طيبة فعلًا زي ما باينة، ولا لوعة ومش سهلة.
والحقيقة إنه مع الأيام اتأكدت إنها بنت حلال فعلًا، والمرة دي انا اللي طلبت منه يفاتحها في الموضوع، ولو وافقت يبقى على البركة ويتجوزوا، اتكسف يومها وقالي اطلب من خالتي سميحة هي اللي تجس نبضها وتعرف رأيها، وكمان عشان مايبقاش في إحراج، المهم إن عهد وافقت والأمر تم على خير وقرينا فاتحتهم، بس اللي ماحدش فينا كان عامل حسابه، هو إن قراية الفاتحة دي هتشعلل نار الحقد والغِل في قلب أشرقت، استكبرت إن الخدامة بتاعتها تتخطب، وهي البرنسيسة لسه ماحدش دق بابها، ومش كده وبس، الحقيقة إن النار كانت قايدة من ساعة ما عهد دخلت القصر، ولقت كل العيون عليها والكل بيحلف بجمالها، وفي الوقت ده توفيق ماكنش موجود في مصر، كان بيتفسح بره، ماكنش في غير حليم وأشرقت اللي من تاني يوم قراية الفاتحة، وهي قلبت على الكل، وأولهم مراد وعهد، بقت بتتعمد تهينها قدامه، ولما تشوفهم واقفين مع بعض، بتستغل نفوذها عشان تفرقهم، كل ده كان عادي وممكن يتحملوه، لكن اللي حصل بعد كده ماكنش عادي، في يوم طلبت أشرقت مراد في القصر، ولما راح لقاها قاعدة عند الشجرة اللي في أخر الجنينة، وقف قدامها وقالها…
– حضرتك طلبتيني يا هانم؟
– ايوة يا مراد، تعالى قرب جنبي هنا.
– انا كده كويس، حضرتك محتاجاني في ايه؟
بصتله بضيق قبل ما تقوله…
– سمعت إن انت وعهد هتتجوزوا قريب.. صحيح الكلام ده؟
ابتسم قبل ما يرد عليها…
– اه فعلًا ياهانم.. وان شاء الله حضرتك تبقى تشرفينا.
– اه طبعًا لازم أجي وأحضر.. ماتيجي تقعد هنا يامراد انت واقف بعيد ليه؟
– كتر خيرك يا هانم، حضرتك كنتِي عايزاني عشان تسأليني عن الفرح ولا في حاجة تانية؟
قامت وقفت وقربت منه وهي بتقوله…
– بصراحة، انا كنت قاعدة زهقانة ومش لاقية حد اتكلم معاه، فقولت ابعتلك وندردش شوية.
– احم احم، انا اسف يا هانم بس اصلي.. اصلي ورايا شغل كتير ولازم اخلصه.
قربت منه أكتر…
– وهو الشغل هيطير.. ادينا قاعدين مع بعض.
بعد عنها شوية وهو بيحاول يهرب منها بأي شكل…
– طب.. طب أروح أخلص كام حاجة كده وارجعلك طوالي.
– لا ابقى خلصهم بعدين.
– يا هانم انـ…
– مراد انا بحبك.
– ايه!.. حضرتك بتقولي ايه؟
– بقول اللي سمعته، انا بحبك يا مراد، امتى وازاي؟.. ماعرفش!.. لكن لما عرفت خبر خطوبتك انت وعهد في حاجة جوايا اتحركت وحسيت انك بتضيع مني، اتاريني بحبك السنين اللي فاتت دي كلها وانا ماعرفش.
– ياست هانم اللي بتقوليه ده مايصحش.
– ليه هو الحب حرام؟
– اه لما يكون بالشكل ده يبقى حرام.
– طب ما انت بتحب عهد وهي كمان بتحبك.
– اولًا اني راجل خاطب، ثانيًا عهد من توبي وانا من توبها، لكن سعادتك فين وانا فين، العين ماتعلاش عن الحاجب ياهانم.
– عين ايه وحاجب ايه، احنا كلنا ولاد تسعة زي مابتقولوا.
– حتى لو كلامك صحيح يا هانم، فانا راجل خاطب وبحب خطيبتي.
قربت منه تاني وهي بتحاول تمسك ايده، لكنه بعدها عنه، فبصت له بغضب وقالتله…
– ماشي.. ابقى خلي الخدامة تنفعك.
– عن إذنك يا هانم.
مشي مراد يومها وهو قلقان على عهد لانه عارف جنان أشرقت، وعارف انها طالما حطت حاجة في دماغها، يبقى لازم توصلها مهما كان التمن، وعشان كده جالي بسرعة على البيت وحكالي اللي حصل، وسألني يتصرف إزاي؟.. قولتله يصبر وانا هعرف اتصرف معاها، بس للأسف مالحقتش، لانه تاني يوم اتفاجئنا كلنا بالشيطان راجع من بره، وقبل ما اتصرف مع أشرقت، كان الشيطان شاف عهد، وقرر إنها بقت بتاعته، طول عمره عيل هلاس وعينه فارغة، مابيشبعش، ونفس اللي أشرقت حاولت تعمله مع مراد، الشيطان ده حاول يعمله مع عهد، اغراها بالفلوس، بالفساتين والسفر، لكنها كانت أصيلة ومالفتش نظرها غير قذارته ودناوته، وهنا بدأوا الاتنين يتفقوا مع بعض عشان يفرقوا مراد وعهد عن بعض، بس كل محاولاتهم كانت أضعف من حب الاتنين لبعض، وفي وسط ده كله، فجأة اختفى مراد، قلبت الدنيا عاليها واطيها، لكن ماكنش له أي أثر، كنت متأكد إن الكلاب دول ورا اختفائه المفاجئ، بس ماقدرتش أوصل معاهم لنتيجة، لحد ما مروا 3 ايام، ومع طلعة نهار اليوم الرابع، لقيت عم مغاوري جايلي على البيت والخوف والرعب مالين عينيه، فسألته بلهفة…
– مالك يا عم مغاوري في ايه؟
– الحق.. الحق يا فريد يابني.
– خد نفسك طيب وقولي في ايه؟
– مافيش وقت، الشيطان اللي اسمه توفيق.
– ماله؟
– قتل عهد.
– ايه؟.. انت بتقول ايه؟!
– اللي سمعته يابني، توفيق قتل عهد بعد ماعرفت هو مخبي مراد فين؟
– مخبيه فين ياعم مغاوري؟
– في القبو اللي تحت القصر.
– مين اللي قالك الكلام ده؟
– عدلات.
– وهي عدلات عرفت مين؟
– توفيق هو اللي قالها، بعتلها تروحله زي ما متعود، وأول ما دخلت عليه لقته بيعيط، استغربت منظره، كانت أول مرة تشوفه بالشكل ده، قاعد على الكرسي وبيتنفض، قربت منه وسألته بيعيط ليه.. ف رفع راسه وبص لها وقال بدموع عينيه…
– انا ماكنتش عايزها تموت.. هي اللي غبية وموتت نفسها.
بعدت عنه عدلات وهي مرعوبة وسألته بفزع…
– قتلت مين؟.. انطق.. قتلت مين؟
– ماقتلتهاش، والله ماقتلتها.. هي اللي دورت على مراد ووصلت لمكانه، كنت بفتح الباب عشان انزل لمراد، لاقيتها في وشي، اترعبت أول ما شافتني، حاولت أقرب منها وافهمها اني بحبها، لكنها فضلت ترجع بضهرها لحد ما رجليها فلتت ووقعت من على السلم.. وقفت أبص عليها لحد ما وصلت لأخر سلمِة، السلم كله كان غرقان دم، نزلت وانا بدعي ربنا ماتكونش ماتت، بس أول ما رفَعَت راسها لاقيت ايدي غرقانة بدمها، انا ماقتلتهاش.. صدقيني يا عدلات ماقتلتهاش.. ولا كنت عايزها تموت من اصله.. بس هي اللي غبية ومافهمتش.
– انت سافل.. حقير.
قام من مكانه وحاول يقرب منها، لكن عدلات بعدته عنها وهي بتزعق…
– ابعد عني، اياك تلمسني.
– عدلات انا محتاجلك.. محتاجلك أوي.. ماتسيبنيش.
والمرة دي قدر يمسكها، وبعنف، حاولت تفلت منه، لكنه بدأ يتعصب عليها، والبنية من خوفها، سايرته لحد ما في الاخر نام، وساعتها اتسحبت وخرجت من الأوضة وجت جري وحكتلي اللي قولتهولك ده.
– طب وانت ماعرفتش المكان ده فين؟
– هو ماقالهاش، بس عدلات بتقول إن الأوضة كانت غرقانة دم، وده معناه إن المكان ده في الأوضة.. اجري الحق اخوك يا فريد.. ده لو كان الكلب ده لسه سايبه عايش.
أول ما قالي كده جريت على القصر زي المجنون، ماكنتش بفكر في أي حاجة، لا هعمل ايه في توفيق لما اشوفه ولا هدخل ازاي؟.. كل اللي كنت بفكر فيه إني أنقذ مراد اخويا، واللي هيوقف قصادي هقتله، وصلت القصر ودخلت من الباب الوراني للمطبخ، الغريبة إني مالقتش خالتي سميحة ولا عدلات، مشيت لحد الباب اللي بيطل على الصالة، ماكنش فيه أي حد، بصيت على باب الأوضة اللي تحت السلم وبسرعة جريت عليها، وساعتها اتفاجئت لما لاقيت درفة الدولاب مفتوحة، وباب القبو كمان مفتوح، دخلت جوة بسرعة، ومع أول سلِمة لقيت حليم داخل ومعاه الكلب بتاعه وبيقفل باب القبو، وقدامي كان توفيق واقف عند اخر سلمِة تحت، كان واقف مبتسم وبيشاورلي انزل، عينيا طقت شرار ونزلت بسرعة، هجمت عليه وخدته ووقعنا على الأرض وفضِلت أضرب فيه، لكن فجأة حليم فك سلسلة الكلب وفي ثواني هجم عليا، حاولت اهرب منه، لكن لقيت ضربة على دماغي وماحسيتش بحاجة بعدها.
لما فتحت عيني، كنت مربوط بالسلاسل وقدامي كانت خالتي سميحة وعدلات مربوطين زي ما انت شايفهم كده.. وساعتها وقف الشيطان ده في وشي وقالي…
– مش هم دول اللي قالولك على الحقيقة.. وانت بقى البطل الشجاع اللي جاي ينقذ أخوه.. اديك هتموت جنبه، يلا، عشان تبقوا تونسوا بعض في الاخرة.
– انا مش هسيبك يا توفيق.. مش هسيبك.
– توفيق بيه يا كلب.
وراح بخفة ناحية عدلات ومسكها من وشها بعنف…
– وانتِي بقى يا حلوة، فاكرة انك هتنتقمي من اللي عملته فيكِي لما تقوليلهم إني قتلت عهد!.. دي اخرة اللي يعرف رعاع زيكوا، بس ملحوقة، اديكوا كلكوا هتحصلوها.
وفي اللحظة دي سمعت صوت أنين جنبي، كان صوت مراد، بصيت عليه، كان نايم في ركن ومتربط، وجنبه جثة عهد، حاولت أفك نفسي من السلاسل، لكن ماقدرتش، وساعتها سمعت ضحكة عالية، ولما بصيت على اللي بيضحك لقيت أشرقت قاعدة قدام مراد، وبعد ما خلصت ضحك قربت من وشه وقالت بهمس…
– نفعتك بايه الخدامة دلوقتي بقى؟!.. مش كان زمانك معايا وبنلف العالم كله، انا كنت ناوية أخليك بني ادم.
رد عليها بصوت ضعيف وهو بيحاول يقاوم الألم…
– طول عمرك كنتِي نكرة وهتموتي وانتِي نكرة، كل الناس قرفانة تبص في وشك.
بعد ما خلص جملته تف عليها، مسحت وشها وبعدين ضربته بالقلم…
– فعلًا رعاع.. هتعيشوا وتموتوا رعاع.. توفيق.. اخلص من الكلب ده ومن كل الرعاع دول.
– هيحصل.. هيحصل يا أشرقت.
كنت شامم ريحة دخان في المكان، قرب توفيق من عدلات وحط المسدس في دماغها وقال بصوت شيطاني…
– ابقي سلميلي على عهد.
وداس على الزناد بعدها عشان تموت عدلات، وبعدين قرب من سميحة وقالها بنفس الصوت…
– ماكنتش عايزك تموتي.. لكن لازم تدفعي تمن الخيانة اللي جوزك عملها.. هتوحشيني يا دادة سميحة.
وخرجت الرصاصة واستقرت في قلب خالتي سميحة، بعدها قربت أشرقت من توفيق وطلبت منه المسدس، ناولهولها، وقفت قدام مراد وايديها بترتعش، بس حاولت تتماسك وتبان قوية وقالت بغضب…
– لما قربت منك بعدتني عنك وحسستني اني نكرة.
ضربت الطلقة الأولي في كبد مراد، وكملت بعدها…
– فضلت الخدامة عليا لانها أجمل مني.
وضربت الطلقة التانية في صدره…
– بتقول عليا نكرة، مع اني طول عمري ستك وتاج راسك.
وضربت الطلقة التالتة في قلبه…
– بتقول إن ماحدش هيبص في وشي، بس أوعدك إني هتجوز سيد سيدك.
وضربت الطلقة الرابعة في راسه، بعدها رمت المسدس على الأرض وجسمها كله كان بيترعش والدموع مغرقة وشها، ريحة الدخان كانت بتزيد، والضباب بدأ يغطي المكان، سمعت وقتها الكلب بينبح ناحية باب القبو، وحليم بيصرخ فيهم…
– الحقوا.. الحقوا.
سأله توفيق باستغراب…
– في ايه؟
– في دخان جاي من ناحية الباب.
– طب اطلع شوف في ايه بسرعة.
جري حليم على فوق، بس بعد ثواني رجع وهو بيكح وبيقول…
– توفيق القصر بيولع.
– انت بتقول ايه؟.. مين اللي عمل كده؟
– مافيش غيره.. هو مغاوري.
– طب يلا نخرج من هنا بسرعة.
– يلا يا أشرقت.
ماردتش عليهم، وهنا قال حليم لتوفيق…
– سيبك منها ويلا بينا احنا.
قعدت أشرقت قدام مراد وهي بتمشي ايدها على وشه وبتقوله بهمس…
– مراد.. يلا، يلا مراد.. يلا عشان نتجوز، انا سامحتك.. سامحتك خلاص وهعتبر اللي حصل منك ده غلطة ومش هتتكرر.. مراد.. قوم يامراد.. قوم عشان خاطري.. عارف انا نفسي في ايه؟!.. نفسي ننسى كل اللي فات ونبدأ صفحة جديدة، انا وانت وبس.. انت مابتردش عليا ليه يامراد.. زعلان مني؟.. طب انا اسفة.
عدت دقيقة ولقيتهم نازلين من على السلم وهم بيكحوا جامد، وبيحاولوا يفكوا الكرافتات ويقلعوا هدومهم من الخنقة، اما أشرقت، فنامت في حضن مراد وهي بتغني بصوت مبحوح…
– يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا.. كح كح.. ونبني طوبة طوبة في عِش حبنا.. كح كح.. نتهنى بالخطوبة ونقول من قلبنا… هاهاهاهاها.. يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا.
كنت شايف حليم وتوفيق وهم بيطوحوا في وسط الضباب وبيقعوا على الأرض، كنت شايف عدلات وهي بتتفرج عليهم وبتشفي غليلها، وسميحة مبتسمة ليا، أما مراد فكان واقف عند السلم وفي ايده عهد، شاورولي والابتسامة على وشهم وبعدها طلعوا ناحية القصر، بص فريد على الجثث بحزن وبعدين وقالي…
– انت عملت اللي عليك ودخلتني لحد هنا، واخر طلب هطلبه منك.. لما ترجع، تدخل القصر وتحرر أجسادنا.. اما دلوقتي فلازم تهرب زي ما دخلت قبل ما النار تمسك في القصر.
طلعت جري على السلم ومنه على الباب، وأول ماخرجت من باب القصر النار مسكت في المكان كله، وقتها عيني جت على عربية من العربيتين اللي واقفين، جريت عليها وركبتها وبسرعة جري الحصان، الغريبة إن بوابة القصر اتفتحت لوحدها، وفضلت أجري لحد ما وصلت للكشك، نزلت من العربية ووقفت قدام الكشك، بس لما لفيت ورايا مالقتش العربية ولا الحصان، بصيت على المبنى لقيته عبارة عن كومة رماد محروق والدخان طالع للسما، زقيت الباب ودخلت، قعدت على الكرسي وانا مش فاهم ايه اللي حصل ده كله؟.. ولا حتى عارف انا هرجع إزاي؟.. انا كان مالي ومال كل ده؟.. ازاي ما… قطع تفكيري المنظر اللي شوفته قدامي، على الترابيزة كان موجود الجرامافون، انا متأكد إنه ماكنش موجود قبل ما أروح القصر.. ده معناه إني لو شغلت الجرامافون ممكن أرجع زي ما شغلته ولقيت نفسي هنا، هشغله وأرجع.. صح كده.. قومت بسرعة وشغلته وبعدها ماحسيتش بنفسي.
لما فتحت عيني لقيت الدنيا ضلمة، كنت حاسس بوجع رهيب في دماغي، حسست بايدي جنبي، لقيت الموبايل بتاعي، مسكته وفتحت الكشاف، خدت نظرة سريعة في المكان، مالقتش حاجة اتغيرت، بس البورتريه، البورتريه ماكنش كده، قربت منه وساعتها شوفت الصورة كاملة، كشك صغير على شمال الصورة، وحواليه أرض بور، وفي نهايتها القصر وطالع منه دخان، في اللحظة دي سمعت صوت الباب بيزيق، لفيت وشي وانا موجه الكشاف ناحية الباب، وكان حسام هو اللي داخل…
– إبراهيم.. يا إبراهيم.
– انا هنا يا حسام، استنى انا خارجلك.
خرجت بره لقيت حسام بيقولي برعب…
– ايه ياعم سايبني ربع ساعة بحالها واقف لوحدي.
– ربع ايه؟!
– ربع ساعة.
– هو انا بقالي ربع ساعة جوة؟
– ايوة مش عارف بتعمل ايه وسايبني هنا.
لفت نظري وحسام بيتكلم إن في نور وراه، شاورت له بايدي عشان يسكت ومشيت ناحية النور ودققت النظر، كان نور من بعيد، ده نور أوضة في مبنى من دورين، كان في حد واقف في الشباك وبيشاورلي، لقتني تلقائيًا بشاورله.
فوقت بعدها على صوت حسام وهو بيقولي…
– انت بتشاور لمين ياعم انت؟
– هاه.. لا مافيش.. انت شايف المبنى ده؟
– اه ماهو موجود من ساعة ما جينا، بس ده خرابة يابني.. في حد هيعيش في مكان زي ده.
– فيه يا حسام.. فيه.
استنينا يومها لحد ما النهار طلع وبعدها اتحركنا لحد ما طلعنا على الطريق السريع، ومن هناك خدنا عربية وصلتنا للمنطقة بتاعتنا، كنت محتار أرجع القصر وانفذ كلام قرين فريد وأحرر أجسادهم بدفنها ولا لا، بس في النهاية قررت أبلغ الشرطة وهي تتصرف، ولما روحنا هناك لقينا القصر كله متفحم، طلبت انزل معاهم القبو، وأول ما دخلت لقيته هو هو بالظبط، نفس اللي شوفته، وبعد السلم لقيت جثث عدلات وسميحة متعلقة في السلاسل هياكل عظمية، وفي الركن كانت جثث مراد وفريد هي كمان عبارة عن هيكل عظمي متقيد بالسلاسل، وجنبهم جثة عهد، ماحدش كان مصدق إني شوفت كل ده في حاجة شبيهة بالحلم، لكن لما كشفوا على الجثث عرفوا إنها ميتة من أكتر من 60 سنة، وأكيد انا ماليش علاقة بحاجة زي دي.. بس الحقيقة إن انا نفسي لحد النهاردة مش مصدق اللي حصلي ولا مصدق إني دخلت القصر ده.. الغريبة إني لما سألت عن قصة القصر عرفت إن صاحب القصر الزنانيري باشا، كان في أجازة فعلًا في الأستانة، ولما رجع لقى القصر والع وعياله التلاتة ميتين، ماقدرش يقعد فيه من بعدها وسابه مقفول، وبعد موت الباشا الورثة حاولوا يسكنوا القصر، لكن ماحدش كان بيكمل أكتر يومين وبيخرج منه، وده بعد ما بيشوف أو بيسمع حاجات غريبة، ومن يومها فضل القصر ملعون بلعنته لا بيتهد ولا بيتسكن ولا الجثث اللي فيه حد خرجها.
تمت.